الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم مطالب شرعا بالتبين، وعدم بث ونشر كل ما بلغه حتى يتأكد من صحته، قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء:36}.
وإذا كان هذا في عموم المعلوم، فإنه يتأكد فيما كان متعلقا بالشرع، وقد روى مسلم من حديث سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين. رواه مسلم.
قال المناوي في فيض القدير: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ـ أي إذا لم يتثبت ـ لأنه يسمع عادة الصدق والكذب، فإذا حدث بكل ما سمع لا محالة يكذب، والكذب الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه وإن لم يتعمد، لكن التعمد شرط الإثم. اهـ.
قال الشيخ العثيمين مبينا معنى هذا الحديث: يعني أن الإنسان إذا صار يحدث بكل ما سمع من غير تثبت وتأن، فإنه يكون عرضة للكذب، وهذا هو الواقع، ولهذا يجيء إليك بعض الناس يقولون: صار كذا وكذا، ثم إذا بحثت وجدت أنه لم يكن أو يأتي إليك ويقول: قال فلان كذا وكذا، فإذا بحثت وجدته لم يقل. اهـ.
فعدم التأكد قبل النشر يجعله عرضة للإثم.
والله أعلم.