الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن العمل الذي تقومون به من أفضل القربات إلى الله تعالى، لما فيه من النفع للمسلمين والسعي في قضاء حوائجهم وتفريج كرباته، وقد جاء في الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
وأما هل للعاملين في هذه الجمعية الأخذ من الزكاة على اعتبار أنهم من العاملين عليها؟ فالجواب لا، وقد بينا في فتاوى سابقة أن العاملين عليها هم الذين يعينهم الإمام ـ الدولة ـ لجمع الزكاة، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 240700.
وأما هل يجوز تأخير دفع الزكاة لمستحقيها لأمور تنظيمية؟ فجوابه أن الأصل وجوب إخراج الزكاة على الفور، ويجب على الوكيل إيصالها لمستحقيها فورا، لكن إن حصل التأخير بسبب التحقق من أهلية آخذها ونحوها من الأمور التي لا بد منها، فلا حرج في ذلك، وقد رخص بعض الفقهاء في تأخيرها ليوم ويومين لأجل أن يتحرى، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، فَإِنْ أَمْسَكَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لِيَتَحَرَّى الْأَفْضَلَ جَازَ. اهـ.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: وقال جَمَاعَةٌ: يَجُوزُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ الْمَقْصُودُ؛ وَإِلَّا لم يَجُزْ... اهــ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ, وَمِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الأْعْذَارِ: أَنْ يَكُونَ الْمَال غَائِبًا فَيُمْهَل إِلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إِحْضَارُهُ، وَأَنْ يَكُونَ بِإِخْرَاجِهَا أَمْرٌ مُهِمٌّ دِينِيٌّ أَوْ دُنْيَوِيٌّ، وَأَنْ يَنْتَظِرَ بِإِخْرَاجِهَا صَالِحًا أَوْ جَارًا. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 133278.
ولا تدفع الزكاة في صورة ترميم مسكن وشراء معدات ونحو ذلك، ولا ينبغي دفعها للفقير في صورة سلع تموينية ونحوها، بل تدفع النقود لمستحق الزكاة وهو يتولى التصرف فيها، إذ هو أدرى بحاجته، وانظر الفتوى رقم: 236740 عن حكم دفع الزكاة إلى الفقير في صورة سلع عينية.
والله أعلم.