الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينفس كربك، وييسر أمرك، إنه سبحانه قريب مجيب.
فنوصيك بكثرة دعائه، والتضرع إليه، وصدق الالتجاء، وإظهار الافتقار له، فمن توكل عليه كفاه، ومن أوى إليه آواه، وهو مجيب دعوة المضطر، وكاشف الضر، قال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 119608؛ ففيها بيان آداب الدعاء وشروطه، والتي كلما توفرت في الدعاء كان أرجى للإجابة، وأدعى للقبول، هذا أولًا.
ثانيًا: ننصحك بمراجعة إخوانك في المراكز والمنظمات الإسلامية، فربما أعانوك، وسعوا في حل مشكلتك، وخاصة فيما يتعلق بالهجرة إلى بلد مسلم تأمنين فيه على نفسك وبناتك، وتتمكنين فيه من الالتزام بدينك، وعبادة ربك من غير حرج، وراجعي في حكم الهجرة من بلاد الكفر الفتوى رقم: 12829.
ثالثًا: نفقة بناتك واجبة على أبيهم بالمعروف حسب قدرته، قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7}، وانظري الفتوى رقم: 193707.
فإن أعسر بنفقتهم، وكنت في حاجة للعمل للإنفاق على نفسك، وعلى بناتك، فاجتهدي في البحث عن عمل تحصلين منه على مال من غير التفريط في شيء من دينك، ولعلك تجدين، فهنالك مجالات للعمل أحيانًا من البيت عن طريق الإنترنت، ونحو ذلك، فاستعيني ببعض أخواتك المسلمات الثقات، وقد وعد الله المتقين بتيسير أمورهم، وتفريج كروبهم، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق2-3}.
والحجاب فريضة يجب الالتزام به، ولا يجوز خلعه، لا من أجل العمل، أو غيره، وراجعي الفتوى رقم: 63625.
فإن ضاق بك الحال، واضطررت إلى العمل، وأجبرت على خلع الحجاب، فليكن الترخص في ذلك بقدر الضرورة، فلا تكشفي من جسدك إلا ما تقتضيه الضرورة، وراجعي الفتوى رقم: 107350.
وبخصوص الأذية التي قد تجدينها، فليس كل أذى يترخص به في نزع الحجاب، فمن الأذى ما يمكن احتماله، فعليك أن تصبري ابتغاء مرضاة الله، فإن التهاون في مثل هذه الفرائض الشرعية لأي مضايقات لا يجوز، فاتقي الله، واصبري، وهنالك من القوانين ما يمكن أن تحمي المرأة نفسها بسببها، كقوانين تجريم العنصرية، ونحوها.
ولو فرضنا أن الأمر قد يصل إلى أذى لا يحتمل؛ فيلزمك حينئذ لزوم البيت، ولا يجوز الخروج إلا لما لا بد لك منه، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 11071، والفتوى رقم: 63999.
ومن وصل به الحال إلى هذه الدرجة من التضييق في الدِّين، والتعرض لأسباب الفتنة؛ وجبت عليه الهجرة إلى بلد مسلم، كما أسلفنا القول في ذلك.
والله أعلم.