الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من تلك الديون والأموال معترفا به ممن هو عليه فلكم أن تطالبوه به إلا أن يثبت عسره فيجب إنظاره حتى يتيسر له ما يسدد به ما عليه، قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.
أما ما ليس معترفا به منها، فإنه يعد من باب الدعوى، ولا بد من عرضها على القضاء لسماع حجج الطرفين وإثبات الحقوق بالبينات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
فإن حكم القضاء لكم فإذا شئتم أن تسامحوا من ثبتت عليهم تلك الحقوق والأموال؛ فإن ذلك أمر حسن وتؤجرون عليه إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم: 124262.
أما جعل تلك الأموال صدقة جارية في ثواب والدكم قبل أن تقبضوها فالظاهر أنه لا يصح، لأن ما في الذمة لا يصح وقفه.
جاء في مغني المحتاج: (لا عبد وثوب) مثلا (في الذمة) سواء في ذلك ذمته وذمة غيره كأن يكون له في ذمة غيره عبد أو ثوب بسلم أو غيره فلا يصح وقفهما؛ إذ لا ملك والوقف إزالة ملك عن عين. اهـ
وفي مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: (الثاني كونه) ـ أي: الموقوف ـ (عينا) ف (لا) يصح وقف (ما في الذمة)، كقوله: وقفت دارا أو عبدا، ولو موصوفا؛ لأنه ليس بمعين. اهـ
والله أعلم.