الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمور ننبهك عليها وبها تحصل لك الفائدة إن شاء الله.
أولها: أنه لا بد من التحقق من كون ما تريد النهي عنه خطأ أو منكرا، فقد تكون غالطا ويكون الصواب أن هذا الذي تريد النهي عنه ليس بمنكر، وقد تكون المسألة محل خلاف بين العلماء ومن ثم فلا تعد من مسائل الإنكار، فلا بد لك من العلم قبل الأمر والنهي، ومثلا فإن المصافحة عقب الصلاة مما أباحه بعض أهل العلم، ونحن وإن كنا نرجح عدم مشروعيتها لكن المقرر عند العلماء أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 228658، والفتوى رقم: 310579.
ثانيها: إذا تحققت أن ثم مخالفة أو منكرا يجب النهي عنه فلا يسوغ لك ترك النهي بحجة أن هذا قد يؤدي إلى أن يجد الناس في أنفسهم عليك، فما زال الناس يستثقلون أمر من يأمرهم بالمعروف ونهي من ينهاهم عن المنكر، وليس هذا عذرا في ترك الأمر والنهي، بل عليك أن تحتسب في أمرهم ونهيهم مستعملا في ذلك الوسائل المناسبة داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعليك أن تنهى عن كل منكر تتحقق كونه منكرا، فإذا أخطأ الشخص في صلاته في مواضع فلا تكتف ببيان واحد منها، بل قل له بأسلوب حسن مهذب: ثَمَّ بعض الأشياء التي أحب أن أنبهك عليها من باب النصيحة لك، فأنت أخ في الله وأنا من باب المحبة لك والشفقة عليك أحب أن أبين لك هذه الأمور التي ربما لا يكون سبق لك العلم بها، ونحو ذلك من الكلام الطيب الذي تستميل به قلب الشخص وتبين له ما يغلط فيه.
ثالثا: إنما يترك النهي عن المنكر إذا كان النهي عنه يؤدي إلى حدوث منكر أكبر منه، فإذا علمت أن نهيك عن المنكر ستترتب عليه منكرات أكبر فحينئذ يشرع لك ترك النهي عن هذا المنكر، وانظر الفتوى رقم: 184933.
رابعا: لبيان بعض آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انظر الفتوى رقم: 286150.
خامسا: التخلف عن الجمعة كبيرة من الكبائر، ولا يجوز ذلك إلا لعذر، فإن كان أصحابك يتضررون ضررا حقيقيا بترك تلك المحاضرات ولم يكن في مقدورهم تعويضها فلهم عذر في ترك الجمعة، وإلا فهم آثمون بذلك، فعليك أن تستمر في نهيهم عن هذا المنكر، وأن تبين لهم خطورة ما هم مقيمون عليه من التخلف عن الجمعة.
والله أعلم.