الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث صحيح -كما ذكر السائل- وقد قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه أبو يعلى والطبراني... ورجالهما رجال الصحيح غير منذر الأفطس، وهو ثقة. اهـ.
وقال البوصيري في (إتحاف الخيرة المهرة): رواه أبو يعلى الموصلي وأحمد بن حنبل بسند رواته ثقات. اهـ.
وصححه الألباني وأحمد شاكر.
وأما معنى الحديث وتأويله، فلم نجد للشراح كلاما لننقله، وليس في ألفاظه شيء يستغرب، وظاهره أنه في فضل عدن خصوصا، وقد بوب عليه ابن الجوزي في العلل بفضل عدن. وأورده الساعاتي في (الفتح الرباني23 / 298) في باب: (فضل عمان وعدن وأهلهما).
أما تنزيله على الواقع فهذا مما يجب التوقف عنده، وعدم القطع بشيء منه دون بينة شرعية، وقد عقد الشيخ محمد المقدم في كتابه (فقه أشراط الساعة) بابا خاصا بضوابط التعامل مع نصوص الفتن وأشراط الساعة، وذكر من جملتها: أنه لا يمكن إسقاط النصوص التي يطرقها الاحتمال على واقع معين إلا بعد وقوعها وانقضائها، وقال: إن تنزيل النصوص الشرعية المتعلقة بالفتن والملاحم على ما يقع من النوازل مع القطع بذلك دون شك ولا تردد؛ من الرجم بالغيب، ومن القول على الله بغير علم، وقد قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}... لقد كان من هدي السلف ـ رحمهم الله تعالى ـ أنهم لا يُنَزِّلون أحاديث الفتن على واقع حاضر؛ وإنما يَرَوْنَ أصدق تفسير لها، وقوعها مطابقة لخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولذلك نلاحظ أن عامَّة شارحي الأحاديث الشريفة كانوا يُفيضون في شرحها، واستنباط الأحكام منها، حتى إذا أتوا على أبواب الفتن وأشراط الساعة، أمسكوا أو اقتصدوا في شرحها للغاية، وربما اقتصروا على تحقيق الحديث، واكتفوا بشرح غريبه؛ بخلاف ما يحصل من بعض المتعجلين المتكلفين اليوم؛ فإنه بمجرد ظهور بوادرَ لأحداث معينة؛ سياسية كانت أو عسكرية، محلية أو عالمية، تستخفهم البُداءات، وتستفزهم الانفعالات، فيُسقطون الأحاديث على أشخاص معينين، أو وقائع معينة، ثم لا تلبث الحقيقة أن تبين، ويكتشفوا أنهم تهوروا وتعجلوا. اهـ.
والله أعلم.