الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام لا دليل عليه فيما نعلم، ولا وجه له مع ما علم من استقباح فاحشة اللواط ونكارتها شرعا وطبعا.
وقد ذكره بعض الأحناف على جهة التضعيف وصححوا خلافه، جاء في الدر المختار للحصكفي: (ولا تكون) اللواطة (في الجنة على الصحيح) لأنه تعالى استقبحها وسماها خبيثة، والجنة منزهة عنها... وفي الأشباه: حرمتها عقلية فلا وجود لها في الجنة، وقيل: سمعية فتوجد وقيل: يخلق الله تعالى طائفة نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث، والصحيح الأول، وفي البحر حرمتها أشد من الزنا لحرمتها عقلا وشرعا وطبعا، والزنا ليس بحرام طبعا، وتزول حرمته بتزوجٍ وشراءٍ بخلافها. اهـ
ولعل أصل القول المذكور مروي عن بعض أهل البدع من المعتزلة أو غيرهم.
ففي حاشية ابن عابدين: قال السيوطي: قال ابن عقيل الحنبلي: جرت مسألة بين أبي علي بن الوليد المعتزلي وبين أبي يوسف القزويني في ذلك، فقال ابن الوليد: لا يمنع أن يجعل ذلك من جملة اللذات في الجنة لزوال المفسدة؛ لأنه إنما منع في الدنيا لما فيه من قطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك، ولهذا أبيح شرب الخمر لما ليس فيه من السكر وغاية العربدة وزوال العقل فلذلك لم يمنع من الالتذاذ بها، فقال أبو يوسف: الميل إلى الذكور عاهة، وهو قبيح في نفسه؛ لأنه محل لم يخلق للوطء، ولهذا لم يبح في شريعة، بخلاف الخمر، وهو مخرج الحدث والجنة نزهت عن العاهات... اهـ
وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 103498، أن أهل العلم ذكروا أن أهل الجنة مطهرون من الأخلاق السيئة، فما استجد عند الناس مما زينه لهم الشيطان مما تأباه الفطر السليمة والأذواق الرفيعة من الإتيان في غير الحرث ومن اللواط لا يكون عند أهل الجنة، فهم مستغنون بما وفر الله لهم من أسباب المتعة.
وما يوجد عندهم من الولدان إنما هو للخدمة فقط كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 45862.
والله أعلم.