الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يحصل بينك وبين صديقك من قيامه باستثمار أموالك مقابل حصولك على مبلغ محدد سلفا غير مشروع، وانظر الفتوى رقم: 161621.
وعليه؛ فإنه يتوجب عليكما أن تصححا الطريقة التي تتفقان عليها وتلتزما بالضوابط الشرعية للمضاربة، ومنها عدم الاتفاق على ربح محدد لصاحب المال، وعدم ضمان رأس المال من العامل، وغير ذلك من الضوابط، وراجع في هذا الشأن الفتوى رقم: 192573 .
ثم إذا أردت أن تكون وسيطا بين قريبك وبين صديقك ليستثمر ماله عنده فلا بد أن يكون ما تتوسط فيه مشروعا، وقد علمت مما سبق أن الطريقة التي كنت تتبعها مع صديقك غير صحيحة، وبالتالي فلا يجوز أن تسعى في أي معاملة من ذلك القبيل بأجر أو بغير أجر.
لكن إذا أراد قريبك أن يجري مضاربة صحيحة مع صديقك وفق الضوابط التي سبقت فلا حرج في أن تسعى له في الأمر وتدله عليه مقابل أجر معلوم، قال البخاري: باب أجرة السمسرة: ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. اهـ ، وانظر الفتوى رقم: 133119.
وهنا لا بد أن يكون قريبك على علم بهذا المال الذي يدفع لأجل السمسرة، فإذا علم بذلك ورضي بدفعه فلا يظهر وجوب إخبارك له بأنك أنت من سيأخذه، لأنه قد رضي ببذله لمن يقوم بتلك الخدمة بصرف النظر عمن يكون، والجعل لا يشترط فيه تعيين العامل، والسمسرة من هذا الباب، قال الله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ {يوسف:72}.
وجاء في العدة شرح العمدة: باب الجعالة وهي أن يقول: من رد لقطتي أو ضالتي أو بنى لي هذا الحائط فله كذا، فمن فعل ذلك استحق الجعل . اهـ
وفي تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة: القارئ: ويجوز عقد الجعالة لعامل غير معين وعمل مجهول، فيقول من رد ضالتي فله كذا للآية، ولأن الحاجة داعية إليه مع الجهل فجاز كالمضاربة، ولا يجوز إلا بعوض معلوم لأنه عقد معاوضة فاشترط العلم بعوضه كالإجارة.
الشيخ: قوله (فله كذا للآية) ماهي الآية؟ الجواب هي قوله تعالى (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) فهو لم يعين العامل ولم يعين العمل لأنه لا ندري ما يأتي به. اهـ
والله أعلم.