الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في قراءة العبد للفاتحة، والمعوذات، والرقية الشرعية في جالون، ثم ينفث فيه بنية شفاء الأمراض الروحية، والعضوية.
فقد قال ابن مفلح: قال صالح بن الإمام أحمد: ربما اعتللت، فيأخذ أبي قدحا فيه ماء، فيقرأ عليه، ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك، ويديك. ونقل عبد الله أنه رأى أباه (يعني أحمد بن حنبل) يعوذ في الماء، ويقرأ عليه ويشربه، ويصب على نفسه منه. انظر الآدب الشرعية.
وقال ابن مفلح أيضا: وقال يوسف بن موسى: إن أبا عبد الله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد، فيقرأ عليه، ويعوذ. اهـ.
وقد أفتى بجواز ذلك من المعاصرين الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ.
وقد قال الشيخ ابن جبرين: وثبت عن السلف القراءة في ماء ونحوه، ثم شربه، أو الاغتسال به، مما يخفف الألم، أو يزيله؛ لأن كلام الله تعالى شفاء، كما في قوله تعالى: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد) [فصلت:44] . ... اهـ
وأما سماع القرآن في النت، أو الشريط، أو الجوال، فهو جائز، ونرجو حصول بعض النفع به، ولكنه لا يغني عن قراءة الراقي ونفثه.
قال النووي في شرحه لحديث أبي سعيد في الرقية بالفاتحة: فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة، والتابعين ومن بعدهم. اهـ.
وتكلم ابن القيم في ((الهدي)) في حكمة النفث وأسراره، بكلام طويل، قال في آخره: وبالجملة فنفس الراقي، تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه، وتستعين بالرقية، والنفث على إزالة ذلك الأثر، واستعانته بنفثه، كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها. وفي النفث سر آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة، ولهذا تفعله السحرة، كما يفعله أهل الإيمان. اهـ.
والله أعلم.