الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما العمل الثاني: فلا يجوز لك البقاء فيه، لكون الغالب عليه طباعة ما هو محرم من كتب الموسيقى أو كتب الدين المحرف، وكونك تستطيع صلاة الجمعة معه أو صلاة الجماعة لا يبيح لك ذلك البقاء فيه ما دمت تجد غيره، وأما عملك الأول: فإن كان مباحا، فلا حرج عليك فيه، لكن ننبه على أنه يحرم على من تلزمه الجمعة التخلف عنها إلا لعذر معتبر كمرض أو سفر ونحوهما، جاء في الموسوعة الفقهية: وَصَاحِبُ الْحِرْفَةِ إِذَا كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنَّ الإِجَارَةَ لا تَمْنَعُهُ مِنْ أَدَاءِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ، وَلا يَحْتَاجُ لإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ذَلِكَ، وَلا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِ، وَفِي أَدَاءِ السُّنَنِ خِلافٌ. انتهى.
وعليه؛ فالتخلف عن الجمعة من أجل العمل لا يجوز؛ إلا إذا كان العمل يستدعي بقاء بعض الأفراد ضرورة أو لم تسمح للعامل جهة العمل بالانصراف، وعلم أنه إن ذَهَبَ طُرِدَ من العمل، ولا يجد له بديلا، وليس عنده ما يكفيه لمعيشته، فإنه ربما يُعذر حينئذ للضرورة، قال العلامة قليوبي -وهو شافعي- أثناء تعداده للأعذار في التخلف عن الجمعة: ومنه إجارة العين لمن لم يأذن له المستأجر، أو لزم فساد عمله. انتهى.
وقال صاحب الروض عند ذكره لتلك الأعذار: ويعذر بتركهما خائف من ضياع ماله، أو فواته، أو ضرر فيه كمن يخاف على ماله من لص ونحوه، أو له خبز في تنور يخاف عليه فساداً، أو له ضالة، أو آبق يرجو وجوده إذا، أو يخاف فوته إن تركه ولو مستأجرا لحفظ بستان أو مال، أو ينضرّ في معيشة يحتاجها. انتهى.
قال النجدي في حاشيته على الروض معلقاً على الجملة الأخيرة: ينضر في معيشة... إلخ، بأن عاقه حضور جمعة أو جماعة عن فعل ما هو محتاج لأجرته، كما لو كانت أجرته بقدر كفايته، أو هو وعياله، أو ثمنه، أو تحصيل تملك مال يحتاج إليه. انتهى.
واحرص على أداء الجماعة ولو في العمل مع زملائك فيه، وإن لم تجد جماعة فأد الصلاة في وقتها منفردا، وابحث عن عمل مباح لا تمنع فيه من أداء الجمعة والجماعة.
والله أعلم.