الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالربا لا يباح إلا في حال الضرورة، وما شرحته من حاجتك فلا يظهر أنه يصل إلى رتبة الضرورة في ميزان الشرع، فإن الضرورة كما جاء في كتاب نظرية الضرورة الشرعية هي: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. اهـ.
ولا يدخل ما ذكرته فيما يبيح الربا، فالمدين المعسر يجب إنظاره حتى يتيسر له السداد، قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون {البقرة:280}.
والمقترض بالربا لسداد دينه كالمستجير من الرمضاء بالنار، فدين الربا أشد وأسوأ، وهو ماحق للبركة، وعاقبته إلى ندامة، ومن تحرى الحلال وجده ويسره الله له، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب {الطلاق:2ـ3}. وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق:4}.
وإليك بعض الأدعية المأثورة في قضاء الدين: ففي الحديث: عن علي ـ رضي الله عنه: أن مكاتبا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال، ألا أعلمك كلمات علمنيهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك، قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم، وحسنه الأرناؤوط والألباني.
وأخرج أبو داود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضي عني ديني.
نسأل الله أن يقضي عنك دينك، وييسر أمرك، ويجعل لك من همك فرجا، ومن ضيقك مخرجا.
والله أعلم.