الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز وضع المال في بنك ربوي، ولو لمجرد حفظه دون الاستفادة من فوائده؛ لما في ذلك من إعانة البنوك الربوية على المعاملات المحرمة، اللهم إلا في حال الاضطرار لحفظ المال، أو تحويله ونحو ذلك، إذا لم توجد جهة إسلامية تقوم بذلك، وانظر الفتويين: 9537، 15310.
وهذا الاستثناء إذا لم يتناول حال السائل، فإنه يجب عليه سحب هذا المال من البنك الربوي، وله أن يضعه في بنك إسلامي إن أراد ذلك.
وأما ما سبق حصوله من الفوائد الربوية، فلا يجوز أن تعطى منه الزوجة في النفقة الواجبة على الزوج، كالطعام، والشراب، واللباس؛ لأن ذلك يعد انتفاعا منه بهذا المال، ولما فيه من حماية ماله. وأما إن أعطاها في شيء تحتاجه، مما لا يجب عليه بذله، كقضاء دين عليها، فتعطى منه بقدر حاجتها، إن كانت فقيرة، ليس معها ما تقضي به دينها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 177197، 23669، 49804.
وكذلك الأخت المتزوجة، يجوز إعطاؤها من هذه الفوائد بقدر ما تحتاج إليه، إن كانت فقيرة هي وزوجها. وراجع في ذلك الفتويين: 25521، 153231.
وأما السؤال الثاني: فجوابه أن هذه الفوائد إذا دُفعت لمن يستحقها، ويحل له استعمالها، فامتلكها، فسبيلها سبيل بقية ماله، فيجوز بعد ذلك لمن دفعها إليه أن يأكل من الطعام الذي اشتري بها، ويدل على ذلك أن بريرة أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحما تُصدِّق به عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: هو لها صدقة، ولنا هدية. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن حجر في (فتح الباري): يؤخذ منه أن التحريم إنما هو على الصفة، لا على العين. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: دليل على أنه إذا تغيرت الصفة، تغير حكمها. اهـ.
وقال ابن نجيم في (البحر الرائق): تبدل الملك، كتبدل العين، فصار كعين أخرى، وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في حق بريرة: هي لها صدقة، ولنا هدية. اهـ.
والله أعلم.