الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهيئ لك من أمرك رشدًا، وأن يجعل لك من ضيقك مخرجًا.
واعلم أن خير ما يعين على ذلك تقوى الله عز وجل، فقد قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
وفعل الناس لما هو محرم - ولو كان بينهم من ينتسب للعلم والدعوة- لا يبيح مجاراتهم في ذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا. رواه الترمذي.
ونسخ البرامج دون إذن من أصحابها، لا يجوز.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت: 1409هـ ـ 1988م من أن: الاسم التجاري، والعنوان التجاري ـ العلامة التجارية، والتأليف، والاختراع، أو الابتكار ـ هي: حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة؛ لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعًا، فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانيًا: حقوق التأليف، والاختراع أو الابتكار، مصونة شرعًا، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها. اهـ.
ومن ذهب إلى جواز نسخ تلك البرامج، والانتفاع بها -فيما اطلعنا عليه- إنما خص النفع الشخصي، لا التكسب بها، قال ابن عثيمين: فالذي أرى أن الإنسان إذا نسخها لنفسه فقط: فلا بأس، وأما إذا نسخها للتجارة: فهذا لا يجوز؛ لأن فيه ضررًا على الآخرين. اهـ.
والمفتى به لدينا في الموقع هو المنع مطلقًا، ومن ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه، ومن تحرى الحلال وجده، لكن الشيطان قد يزين للمرء المعصية، ويضيق في عينيه سبل الكسب إلا من تلك الطرق؛ قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:268}.
والله أعلم.