الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 26228، أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أراد أن يؤرخ الرسائل، والكتب التي ترد إليه، فجمع الصحابة لهذا الأمر، وانتهوا إلى التأريخ بالهجرة النبوية، وابتدؤوا بالمحرم.
ويكفي لمشروعية هذا العمل الجليل، أنه من عمل الخليفة الراشد عمر، وقد جاء الأمر النبوي باتباع هدي الخلفاء الراشدين المهديين، كما في الحديث: فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. رواه ابن ماجه، وأحمد. فالخلفاء الراشدون لا يصدرون إلا عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم، إما نصًّا، أو استنباطًا.
وبخصوص عمر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل الحق على لسان عمر، وقلبه. رواه الترمذي، ومعنى: جعل، أي: أجراه على لسانه.
ثم إن هذا العمل اجتمع عليه الصحابة، وسار عليه التابعون، وتابعوهم، والمسلمون على امتداد تاريخهم، فالمخالف لهم، المضلل لرأيهم، على غير السبيل، قال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115]، وقال ابن مسعود: ما رآه المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن. رواه أحمد.
والله أعلم.