الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتغيير المنكر قد يكون فرض عين، وقد يكون فرض كفاية.
قال النووي في شرحه على مسلم: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فرض كفاية، إذا قام به بعض الناس، سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع، أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو. اهـ.
وقد جاءت السنة ببيان درجات إنكار المنكر، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
قال ابن العربي في الأحكام: المسألة الرابعة: في ترتيب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان.
وفي هذا الحديث من غريب الفقه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ في البيان بالأخير في الفعل, وهو تغيير المنكر باليد, وإنما يبدأ باللسان والبيان, فإن لم يكن فباليد، يعني أن يحول بين المنكر وبين متعاطيه بنزعه وبجذبه منه, فإن لم يقدر إلا بمقاتلة وسلاح، فليتركه, وذلك إنما هو إلى السلطان; لأن شهر السلاح بين الناس قد يكون مخرجا إلى الفتنة, وآيلا إلى فساد أكثر من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر, ... اهـ.
فهذا يعني أنك تنكر عليهم بما تستطيع، فتنكر أولا بلسانك، فإن انتهى، فذاك، وإلا ففرق بينهما إن أمكنك ذلك، ولم تترتب عليه مفسدة أعظم، أو هدده برفع أمره إلى الجهات المسؤولة. وإن لم يمكن هذا، أو ذاك، فالإنكار بالقلب.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام: 161369، 242860، 253174.
والله أعلم.