الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمال المدخر تجب زكاته إذا حال عليه الحول، ابتداء من اكتماله نصابًا من غير أن ينقص المال عن النصاب أثناء الحول، ومن لم يخرج الزكاة عن سنين ماضية وجب عليه أن يخرجها فورًا، سواء في ذلك ما إذا كان لم يخرجها جهلًا، وما إذا كان لم يخرجها تكاسلًا، ولا تسقط الزكاة بالتقادم؛ لأنها حق لأهل الزكاة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز إخراج الزكاة بأثر رجعي؟ أعني: إذا ملك الشخص النصاب، ولم يخرج الزكاة في وقتها، وتأخر ذلك عدة أعوام، هل يجوز إخراج الزكاة عن ذلك الزمن المنصرم؟ وكيف يمكن للشخص أن يخرج الزكاة إذا لم يكن متأكدًا من مقدار المال الذي وجبت فيه الزكاة في ذلك الوقت السابق؟
ج ـ من وجبت عليه زكاة وأخّرها بغير عذر مشروع، أثم؛ لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها، من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد، وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال، وعدد السنوات إذا شك فيها؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. انتهى.
وبناء على ما سبق؛ فتجب عليك زكاة المال المدخر ابتداء من اكتمال النصاب, وتمام الحول، وعليك إخراجها عن كل سنة على حدة, وبإمكانك أن تعرف قدر المبلغ الموجود في حسابك كل سنة بواسطة كشف حسابك -إن كان المال مودعًا في البنوك-, ولكيفية حساب زكاة تلك السنين الماضية انظري الفتوى رقم: 121528.
وجمهور أهل العلم على أن الدَّين يُسقط الزكاة في الأموال الباطنة، كالذهب، والفضة، والنقود.
ومن ثم؛ فإذا حال الحول كل سنة على ما تملك، فاعرف قدر ما عليك من قرض للبنك, ودَين لم تسدده لمالكه, فأسقط قدر ذلك من المبلغ الذي تملكه، فإذا بقي بعد إسقاط دَينك نصاب وجبت فيه الزكاة، لكن إذا كان لك مال آخر لا تجب فيه الزكاة، لا تحتاج إليه في حاجاتك الضرورية من نفقة، ومسكن، وملبس، ومركب، فالراجح: أنه يجعل مقابل الدَّين ليسلم المال الزكوي، فتخرج زكاته، وراجع الفتويين رقم: 128734، ورقم: 199529.
والنصاب من الأوراق النقدية الحالية هو ما يساوي خمسة وثمانين غرامًا من الذهب تقريبًا, أو ما يساوي مائتي درهم من الفضة ـ أي: 595 جرامًا، خمسمائة وخمسة وتسعين جرامًا ـ بالوزن الحالي, ويجب إخراج ربع العشر ـ اثنان ونصف في المائة ـ وراجع المزيد في الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.