الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بيَّنا في الفتوى رقم: 212341، أن وضع إعجابٍ، أو إطراء لحساب يغلب عليه نشر المنكرات، هو من الإعانة على المنكر.
وأما المرأة الأولى المسؤول عنها: فلا شك أنه يجب نصحها ما أمكن، مع مراعاة اللين والحكمة، واختيارِ الوقت والظرف المناسبين، مع عدم إهمال مدى تقبل الشخص للنصيحة، بحيث لا يجعله النصح يزداد في طغيانه عنادًا واستكبارًا، وذلك يختلف من شخص إلى شخص.
وكذلك مراعاة التلطف بالبدء بالأهم من المنكرين، إذا تعذر الجمع بينهما؛ فإن بعض النفوس البشرية قد لا تقبل كثرة النصائح في وقت واحد، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 326932.
وكذلك راعي عدم النصح في العلن، فقد يكون في ذلك أثرٌ عظيم في عدم التقبل، كما يقال: ابذل لي النصيحة لا الفضيحة، والنصح في العلن، قد يؤدي بالمنصوح أن يكون حاله، كما قال الله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ {البقرة:206}.
يقول الشافعي -رحمه الله-:
تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّبني النصيحة في الجماعهْ
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعَهْ
وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَهْ
وأما المرأة الثانية التي بلغها الحكم الشرعي، فلا شك أن تذكيرها واجب، وهو من إنكار المنكر، وإلا فلو كان العلم بالحكم الشرعي مسقطًا لوجوب إنكار المنكر على الشخص؛ لما وجب إنكار أكثر المنكرات من الكبائر والصغائر، وقد قال تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ {الذاريات:55}.
والله أعلم.