الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالملابس التي بها صور محرمة، لا يجب إتلافها، وإنما يجب طمس الصور بلون، أو خيط، أو غير ذلك مما يخفيها، أو يزيل صورة الرأس، أو ما لا تبقى الحياة إلا به. فإذا لم يمكن ذلك، فيمكن أن ينتفع بها فيما فيه امتهان لها، كالوسائد، والفرش ونحوها. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 189197. وهذا كله على ترجيح القول بحرمة لبس الملابس التي عليها صور لذوات الأرواح، كما سبق أن رجحناه في الفتاوى التالية أرقامها: 116718، 4541، 133155، 128134.
وقال الشيخ ابن باز: لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصورين، وأخبر أنهم يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم. وأمر بطمس الصور، ولما رأى عند عائشة -رضي الله عنها- سترا فيه صورة، غضب، وهتكه ... اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: لا يجوز لبس ما كان على صورة حيوان أو إنسان، وكذلك لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان، من الألبسة التي تلبس على البدن، كالقميص، والفنيلة، وشبهها. اهـ.
وهذا الترجيح لا ينفي وجود الخلاف المعتبر في المسألة، فإن جمهور أهل العلم يكرهون لبس الثياب التي فيها الصور، ولا يحكمون بحرمتها، حتى الحنابلة الذين يخالفون الجمهور في ذلك، عندهم رواية أخرى موافقة لمذهب الجمهور، وقد سبق أن ذكرنا مذاهب العلماء في المسألة، وذلك في الفتوى رقم: 129784.
وقال أبو الفرج بن قدامة الحنبلي في (الشرح الكبير على متن المقنع): لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان، في أحد الوجهين، اختاره أبو الخطاب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب، ولا صورة" متفق عليه.
(والثاني): لا يحرم، قاله ابن عقيل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الخبر: "إلا رقما في ثوب" متفق عليه، ولأنه يباح إذا كان مفروشاً، أو يتكأ عليه، فكذلك إذا كان يلبس. اهـ.
وقال المرداوي في (الإنصاف): والوجه الثاني: لا يحرم، بل يكره. وذكره ابن عقيل، والشيخ تقي الدين ـ يعني ابن تيمية ـ رواية. وقدمه ابن تميم. وأطلقهما في الرعايتين، والفائق. اهـ.
والمقصود بذلك التنبيه على أن أهل السائلة إن كانوا يعتمدون على مذهب الجمهور في استعمال مثل هذه الملابس، أو إهدائها، أو هبتها لمن يستعملها، فلا حرج عليهم في ذلك.
والله أعلم.