الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن زوجك هذا عدة أمور، ومن ذلك:
أولا: أنه غير ملتزم، وهذا الكلام فيه نوع من الإجمال، والأهم أن يكون محافظا على الفرائض مجتنبا للكبائر والموبقات، فإن كان على هذا الحال، فهو في خير عظيم، وما من أحد إلا ويقع في شيء من المعاصي والسيئات، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم.
وهذا لا يعني أن يقر عليها، ولكن يناصح فيها بلطف ويخوف بالله تعالى، ويبين له عدم احتقار الصغائر، كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه... الحديث.
ثانيا: لا يصلي صلاة الجماعة حيث ينادى بها في المسجد، فإن لم يكن له عذر في ذلك فهو مسيء، لأن الراجح وجوب صلاة الجماعة، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1798.
ولكن المسألة محل خلاف، والجمهور على عدم وجوب صلاة الجماعة، فربما يعمل بهذا المذهب، وعلى كل تقدير لا ينبغي له أن يتخلف عن صلاة الجماعة لغير عذر، فإنه بذلك يفوت على نفسه خيرا كثيرا، فهنالك نصوص تبين فضل صلاة الجماعة أوضحناها في الفتوى رقم: 36825.
فنوصيك بمناصحته في هذا وشحذ همته في ضوء هذه النصوص.
ثالثا: أنه لا يريد الإنجاب، وليس هذا من حقه، فالإنجاب حق مشترك بين الزوجين، فلا حق لأي منهما منعه لغير عذر شرعي، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: وزوجها له حق في الإنجاب كما أنها هي أيضاً لها حقٌ في الإنجاب، ولهذا لو أراد الزوج أن يعزل عن زوجته حتى لا تحمل كان ذلك حراماً عليه إلا بإذنها يعني مثلاً لو أراد الزوج من زوجته أن لا تحمل وصار يعزل عنها أي إذا أراد أن ينزل نزعه وأنزل في الخارج، فإن ذلك لا يحل له إلا إذا وافقت الزوجة على ذلك، وسبب هذا أن الزوجة لها حقٌ في الأولاد، فلا يحل للزوج أن يحول بينها وبين هذا الحق بغير رضاها. اهـ.
رابعا: تفريطه في حق زوجته الأخرى، وفي حق ولده، فإنه يجب عليه أن يعدل بينك وبينها، وقد ورد في التفريط في ذلك وعيد شديد بيناه في الفتوى رقم: 60825.
وحق أولاده عليه لا يقتصر على النفقة، بل تجب عليه رعايتهم وحسن توجيههم، فالتربية واجبة على الزوجين معا، وقد أحسنت بنصحه بهذا الخصوص، فاثبتي على ذلك.
ووصيتنا لك في الختام الصبر عليه، وبذل النصح له كما أسلفنا بأسلوب طيب مع الدعاء له بالصلاح، وإن كرهت شكله فقد ترتضين منه أمورا غيره، وقد تكون هنالك مصالح تجنينها من بقائك معه، وأما خوفك من المستقبل: فكلي أمره إلى الله تعالى، وتوكلي عليه سبحانه في أن يختار لك الخير، ويوفقك لفعله، نسأل الله لك العون والسداد.
والله أعلم.