الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط إقامة حدّ القذف أن يطالب المقذوف بإقامة الحدّ، قال ابن قدامة رحمه الله: .. وجملته أن يعتبر لإقامة الحد بعد تمام القذف بشروطه شرطان: أحدهما: مطالبة المقذوف، لأنه حق له، فلا يستوفى قبل طلبه.
ومنها أن يكون المقذوف عفيفاً ولو ظاهراً عند بعض العلماء، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فالعفة الفعلية يشترطها الأئمة الثلاثة، وأحمد يكتفي بالعفة الظاهرة عن الزنى، فمن لم يثبت عليه الزنا ببينة أو إقرار، ومن لم يحد للزنا فهو عفيف.
لكن سقوط الحدّ لا يعني سقوط استحقاق التأديب، فمن قذف غير محصن استحقّ التأديب من الحاكم زجراً له عن الخوض في الأعراض، جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: وقذف غير المحصن كمشرك وذمي......... ومن ليس بعفيف يوجب التعزير فقط.
وعليه؛ فمن سبّ غيره ورماه بالزنا، فعليه التوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، وإن لم يكن المقذوف قد علم بالقذف، فلا يشترط استحلاله، ويكفي أن يكذب القاذف نفسه أمام من سمع القذف، قال ابن القيم: ولذلك كان الصحيح من القولين أن توبة القاذف إكذابه نفسه.
والله أعلم.