الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك معنا، وحرصك على تعلم أحكام دينك، وتحريك للحلال، وخشيتك من الحرام، وأما ما سألت عنه فجوابه أن ينظر في اللعبة أولًا هل هي مما يجوز الترويج له أم لا، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 200555، وما أحيل عليه فيها.
فإن كانت الألعاب التي تروج لها جائزة، فلا حرج عليك في ذلك، وما تعطاه مقابله من عمولات مباشرة يحل لك الانتفاع به، وأما ما تعطاه عوضًا عن جهود من هم في شبكتك، أو تحت اسمك، فإن كان ذلك على سبيل المشارطة والاستحقاق كجزء من الجعل ـ العمولة، أو الأجرة ـ فلا يجوز ذلك؛ لأن الجعل يصبح بذلك مجهولًا، ويكون العقد من عقود الغرر، وانظر للفائدة الفتويين رقم: 160799، ورقم: 303763.
وأما إن كان ذلك على سبيل الوعد، أو الهبة المشروطة، فلا نرى في ذلك حرجًا، قال ابن قدامة: فإن علقها ـ يعني: الهبة ـ على شرط، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: إن رجعت هديتنا إلى النجاشي فهي لك ـ كان وعدًا. انتهى.
ولو قيل: إنها هبة معلقة، فمن أهل العلم من يرى صحتها أيضًا، كما لو قالت الشركة: إن فعل فلان كذا، فله كذا، وقد نصر ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ القول بجواز ذلك، فقال في إغاثة اللهفان: وهذا الحكم غير ثابت بالنص، ولا بالإجماع، فما الدليل على بطلان تعليق الهبة بالشرط؟ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علق الهبة بالشرط في حديث جابر لما قال: لو قد جاء مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا ثم هكذا، ثلاث حثيات ـ وأنجز ذلك له الصديق ـ رضي الله عنه ـ لما جاء مال البحرين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: كان ذلك وعدًا، قلنا: نعم، والهبة المعلقة بالشرط وعد، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث إلى النجاشي بهدية من مسك، وقال لأم سلمة: إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة، فإن ردت عليّ فهي لك ـ وذكر الحديث، رواه أحمد، فالصحيح: صحة تعليق الهبة بالشرط عملًا بهذين الحديثين. انتهى.
والله أعلم.