الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة, فمنهم من لا يرى مشروعية قراءتها فيها, كالمالكية والحنفية، ومنهم من يرى أنها ركن من أركانها مثل سائر الصلوات، وهم الحنابلة والشافعية، ومنهم من يرى أنها سنة فقط، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال في الفتاوى الكبرى: وتنازع العلماء في القراءة على الجنازة على ثلاثة أقوال: قيل: لا تستحب بحال، كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك، وقيل: بل يجب فيها القراءة بالفاتحة، كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي، وأحمد، وقيل: بل قراءة الفاتحة فيها سنة، وإن لم يقرأ بل دعا بلا قراءة جاز، وهذا هو الصواب. انتهى.
وراجع المزيد في الفتويين رقم :56392, ورقم: 31420.
وإذا أراد السائل قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة, ثم حصل له تشويش, ولم يعلم إلى أين وصل في القراءة, فإنه يكمل ما بقي من الفاتحة بحسب ما يغلب على ظنه, وصلاته صحيحة, جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: وغلبة الظن يكتفى به في العبادات، لقوله صلى الله عليه وسلم: فليتحر الصواب ثم ليبنِ عليه. انتهى.
بل لو ترك السائل قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة تقليدا للقائلين بعدم وجوبها فصلاته صحيحة, فالمسلم العامي يجوز له تقليد من شاء من مذاهب أهل العلم المعتبرة, ولا يجب عليك تقليد مذهب بعينه, جاء في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: وحاصل المعتمد من ذلك، أنه يجوز تقليد كل من الأئمة الأربعة، وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة، ودوّن، حتى عرفت شروطه، وسائر معتبراته. انتهى.
والله أعلم.