الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الحمام في البيت للانتفاع به وبيعه، جائزة ما دام لا يحصل بذلك إيذاء الجيران، ولا إضاعة حق الحمام؛ ففي الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟. والنغير تصغير نغر وهو: طائر صغير.
قال ابن حجر في الفتح: إن في الحديث دلالة على جواز إمساك الطير في القفص، ونحوه .... اهـ.
وجاء في "المبسوط": فأما إذا كان يمسك الحمام في بيته يستأنس بها، ولا يطيرها عادة، فهو عدل مقبول الشهادة؛ لأن إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أن الناس يتخذون بروج الحمامات، ولم يمنع من ذلك أحد. اهـ.
وقال ابن مفلح: وأباح أحمد اتخاذ الحمام للأنس، واعتبر أن تكون مقصوصة؛ لئلا تطير فتأكل زروع الناس. اهـ.
وأما الحديث الذي سألت عنه، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول ا لله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتبع حمامة، فقال: شيطان يتبع شيطانة. وقد صحح الحديث الألباني وغيره.
وسبب التشبيه المذكور في الحديث، قال فيه صاحب عون المعبود: إنما سماه شيطاناً لمباعدته عن الحق، واشتغاله بما لا يعنيه، وسماها شيطانة لأنها أورثته الغفلة عن ذكر الله.
قال النووي: اتخاذ الحمام للفرخ والبيض، أو الأنس، أو حمل الكتب، جائز بلا كراهة، وأما اللعب بها للتطير، فالصحيح أنه مكروه، فإن انضم إليه قمار ونحوه، ردت الشهادة، كذا في المرقاة. اهـ.
والله أعلم.