الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمرأة مؤتمنة على مال زوجها، لا يجوز لها أن تأخذ منه شيئاً بغير إذنه، ما دام ينفق عليها بالمعروف، لكن إذا دفع لها نفقتها، أو وهبها مالاً، فلها التصرف فيه دون علمه، بشرط ألا يعود ذلك عليها بضرر يضيع حقوق الزوج.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإذا دفع إليها النفقة، فلها أن تتصرف فيها بما شاءت من بيع وصدقة وغيرهما؛ لأنها حق لها، فملكت التصرف فيها كالمهر، إلا أن يعود ذلك عليها بضرر في بدنها، ونقص في استمتاعها، فلا تملكه؛ لأنه يفوت حقه. الكافي في فقه ابن حنبل.
وعليه؛ فقيمة النفقة التي تأخذها الزوجة تملكها، ويحق لها أن تتصرف فيها دون علم الزوج بما شاءت، مما هو مباح، ولا ضرر فيه يعود على الزوج.
وأما وعد الرجل امرأته بشراء شيء غير واجب عليه، فالوفاء به مستحب، وقد يكون الغرض منه تطييب الخاطر، وجلب المودة، فيكون من الكذب المباح بين الزوجين، فعن أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرَخِّصُ في شيء مِنَ الْكَذِبِ، إِلاَّ في ثَلاَثٍ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ أَعُدُّهُ كَاذِبًا: الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، يَقُولُ الْقَوْلَ وَلاَ يُرِيدُ بِهِ إِلاَّ الإِصْلاَحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ في الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا. رواه أبو داود.
قال النووي -رحمه الله-: وأما كذبه لزوجته، وكذبها له، فالمراد به في إظهار الود، والوعد بما لا يلزم، ونحو ذلك، فأما المخادعة في منع ما عليه أو عليها، أو أخذ ما ليس له أو لها، فهو حرام بإجماع المسلمين. شرح النووي على مسلم.
والله أعلم.