الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأمر على ما هو مذكور هنا، من أن طاعة الوالدين لا تجب بإطلاق، وأنها مقيدة عند أهل العلم، ويمكن أن يراجع في هذا فتوانا رقم: 76303. ولكن مهما أمكن الولد أن يبر والديه -وخاصة الأم- فعليه أن يفعل؛ ففي برهما خير الدنيا والآخرة، كالتوفيق للخير، ورضا الرب تبارك وتعالى، ونيل عالي الدرجات، وانظر في فضل برهما الفتوى رقم: 66308.
وإن لم تكن الملابس الجديدة هذه مشتملة على محذور شرعي، فنحسب أن الأمر فيها هين، ولا يستدعي كل هذا الخلاف مع أمك، وأن يصل الأمر إلى درجة أن تحلف يمينًا، أو أن ترفع هي صوتها عليك، ونحو ذلك مما ذكرت.
وما كان لها أن تدعو عليك، فقد جاء النهي عن هذا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن جابر -رضي الله- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.
وليس من حق أمك أن تغضب عليك لمجرد امتناعك عن لبس الملابس الجديدة، وإن لم يصدر منك أي أذى تجاهها -ولو بعبوس الوجه- لم تكن عاقًّا لها، وراجع الفتوى رقم: 299953، ففيها بيان ضابط العقوق.
وإن فعلت شيئًا يقتضي العقوق، فتب إلى الله عز وجل، واستسمح أمك، وراجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 29785.
وقد أحسنت بتحنيثك نفسك لإغلاق باب الجدال، فقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي موسى -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني.
وتلزمك كفارة يمين، وخصالها مبينة في الفتوى رقم: 2022.
وإذا لم يكن عندك مال وقت الحنث، فلا يلزمك أن تنتظر حتى تحصل على مال، بل تنتقل إلى الصيام، وراجع الفتوى رقم: 116510.
والله أعلم.