الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، ولا سيما إذا كان من محصنة، لكن مهما عظم الذنب، فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه، أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، فبادري بالتوبة إلى الله عز وجل.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب.
وركن التوبة الأعظم هو الندم، والباعث عليه أن ينظر العبد إلى عظم جنايته، تعظيمًا لحقّ الله تعالى، وتصديقًا بالجزاء في الآخرة، قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: ...فَأَمَّا تَعْظِيمُ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا اسْتَهَانَ بِهَا لَمْ يَنْدَمْ عَلَيْهَا، وَعَلَى قَدْرِ تَعْظِيمِهَا يَكُونُ نَدَمُهُ عَلَى ارْتِكَابِهَا، فَإِنَّ مَنِ اسْتَهَانَ بِإِضَاعَةِ فِلْسٍ - مَثَلًا- لَمْ يَنْدَمْ عَلَى إِضَاعَتِهِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ دِينَارٌ اشْتَدَّ نَدَمُهُ، وَعَظُمَتْ إِضَاعَتُهُ عِنْدَهُ.
وَتَعْظِيمُ الْجِنَايَةِ يَصْدُرُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: تَعْظِيمُ الْأَمْرِ، وَتَعْظِيمُ الْآمِرِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالْجَزَاءِ.
وانظري الفتوى رقم: 168081.
ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، فاحذري من التهاون واتباع خطوات الشيطان، واقطعي كل طريق للتواصل بينك وبين هذا الرجل، واجتنبي كل أسباب الفتنة بالرجال، كالخلوة، والاختلاط، وإطلاق البصر، واحذري من تخذيل الشيطان، وإيحائه لك باليأس، والعجز عن التوبة من تلك العلاقة المحرمة، وقفي عند حدود الشرع، واحرصي على تعلم أمور دينك، وتقوية صلتك بربك، واستعيني بالله ولا تعجزي، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 179365، والفتوى رقم: 39210.
والله أعلم.