الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحصول البلوغ ليس مقتصرا على الحيض فحسب، بل البلوغ يحصل بإحدى علامات أربع في حق الأنثى، فمنها الحيض، ومنها إنبات الشعر الخشن حول القبل، ومنها إنزال المني يقظة أو مناما، ومنها بلوغ السن وهو خمسة عشر عاما هلاليا، فأي هذه العلامات وجد أولا، فقد جرى على تلك المرأة قلم التكليف، وثبتت لها أحكام البالغين، ولتنظر الفتوى رقم: 312937.
وإذا علمت هذا، فإن كانت إحدى هذه العلامات قد وجدت عندك، فقد صرت مكلفة، ووجب عليك أن تلتزمي بجميع أحكام الشرع بما في ذلك الحجاب الكامل، فتستري جميع بدنك عن أعين الرجال.
وما تذكرينه من أنك لست على قدر مسؤولية الحجاب، إنما هو من تزيين الشيطان لك، وشبهه التي يريد أن يضلك بها، فإنه ليس للمسلم أن يلتزم ببعض أحكام الدين، ويترك الالتزام ببعضها تحت أي ذريعة من الذرائع، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:208}.
قال ابن كثير رحمه الله: يقول الله تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ، الْمُصَدِّقِينَ بِرَسُولِهِ، أَنْ يَأْخُذُوا بِجَمِيعِ عُرَى الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ، وَالْعَمَلِ بِجَمِيعِ أَوَامِرِهِ، وَتَرْكِ جَمِيعِ زَوَاجِرِهِ، مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ ذلك. انتهى.
ثم إن من شأن المؤمن أن ينشرح صدره لمعرفة حكم الله، فيرضى به، ويتبعه مذعنا منقادا راضيا، عالما أن حكم الله هو الرحمة والحكمة والمصلحة، قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65}. وفقنا الله، وإياك لما فيه رضاه.
والله أعلم.