الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بنظرية التطور، أو النشوء والارتقاء، من النظريات التي عفا عليها الزمن، ولم تعد تلقى رواجا حتى في بلاد الكفر، وقد ثبت وهاؤها، وأنها غير مبنية على أساس علمي حقيقي، بشهادة منظري الغرب أنفسهم، ومن ثم فالعجب كل العجب، ممن ينتسب إلى الإسلام، ثم لا يزال يصدق هذه الخرافة، وانظر الفتوى رقم: 4755.
وأما ما ذكرته من شبهة، فجوابه سهل، وذلك أن العلماء لم يتوصلوا إلى جميع الحِكم في خلق الخلق، ومن ثم فقد تكون لهذه الأعضاء التي يتصور البعض عدم فائدتها، قد تكون لها فوائد وحكم لأجلها خلقت، وإنما خفي علمها على الإنسان؛ لقصور علمه، وضعف عقله.
يقول الدكتور الأشقر -رحمه الله- في تفنيد شبهة وجود الزائدة الدودية في الإنسان، والتي اعتمد عليها دارون في دعواه أن أصل الإنسان الأول قرد، ما عبارته: أما وجود الزائدة الدودية في الإنسان كعضو أثري للتطور القردي، فليس دليلاً قاطعاً على تطور الإنسان من القرد، بل يكون سبب وجودها هو وراثتها من الإنسان الجدّ، الذي كان اعتماده على النباتات، فخلقت لمساعدته في هضم تلك النباتات، كما أنّ العلم قد يكشف أنّ لها حقيقة لا تزال غائبة عنّا حتى اليوم. فالعلم كل يوم إلى ازدياد، وإذا كانت الخنوثة من صفات الكائنات الأولية الدنيا، والزوجية من خصائص الكائنات الراقية، فإنّ الثدي من أمارات الأنوثة، ونجد الفيل الذكر له ثدي كما للإنسان، في حين ذكور ذوات الحافر كالحصان والحمار، لا ثدي لها إلا ما يشبه أمهاتها. فكيف بقي أثر الخنوثة في الإنسان، ولم يبق فيما هو أدنى منه؟ مع أنّ (دارون) يزعم أنّ الإنسان تطوّر مما هو أدنى منه. انتهى.
وراجع الفصل الخاص بهذه المسألة، في كتاب العقيدة في الله للدكتور الأشقر -رحمه الله-؛ فإنه جيد.
والله أعلم.