الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤلك نقاطا، نجيب عنها وفق ما يلي:
أولا: ما يفعله مدير الشركة من تزوير الفواتير للتهرب من الضرائب، وإعانة المحاسب له بتسجيلها، ينبني الحكم فيه على معرفة نوع تلك الضرائب، وهل هي من النوع المشروع، فيحرم التهرب منها والإعانة على ذلك، أم هي من النوع المحرم الظالم، فلا يحرم التهرب منها، ولا يأثم المحاسب بالإعانة عليه لو طلب منه ذلك؟ وانظر الفتوى رقم: 145961. وإحالاتها.
ثانيا: عمل أخيك محاسبا في تلك الشركة، لا حرج فيه من حيث الأصل، إذا كان نشاطها مباحا. وأما ما قد يطلبه المدير من المحاسب أوغيره من الموظفين، إذا كان فيه حرمة، وليس من أصل العقد، فلا يجوز له طاعته فيه، لكنه لا يؤثر على الوظيفة المباحة، ولا في الراتب المقبوض مقابلها. فالمحرم المذكور عارض، قد يطلبه المدير وقد لا يطلبه، وليس من ضمن العقد، ولا هو لازم له، ولم يستأجر العامل لفعله بخصوصه، وليس له راتب مخصوص، والأجرة تملك بالعقد على الراجح، وهي على عمل مباح.
جاء في المغني: المؤجر يملك الأجرة بمجرد العقد، إذا أطلق ولم يشترط المستأجر أجلا، كما يملك البائع الثمن بالبيع. اهـ.
ثالثا: ليس للموظف ولا لغيره إعانة الآثم على إثمه، ولو كان مديرا أو غيره، وبالتالي فإن كانت الضرائب من النوع المشروع وفق ما بيناه سابقا، فبين لأخيك أنه ليس له إعانة المدير على التهرب منها بتسجيل الفواتير المزورة، ولو أدى رفضه لذلك إلى أن يفصل من العمل، ومن ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، إلا إذا كان لا يجد وسيلة يكسب منها نفقته ونفقة من يعول، وليس له مال ينفق منه، فله البقاء حينئذ وعمل ما طلب منه مع كرهه لذلك، وبحثه عن عمل لا يؤمر فيه بفعل ما لا يجوز.
وأما لو كانت الضرائب من النوع المحرم، فلا حرج عليه فيما يفعل من إعانة المدير على التهرب منها.
والله أعلم.