الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يسلك بك سبيل العلماء العاملين، وأما ما سألت عنه: فلا يمكن ذكر ما ينبغي ذكره وتفصيله في مجال الفتوى الذي نحن فيه، وإنما يرجع في ذلك للكتب التي وضعت خصيصا لمعالجة قضية العلم والتعلم، ولا سيما المعاصر منها، ومن أيسرها وأنفعها كتاب: العلم ـ للشيخ ابن عثيمين، وتجد فيه ذكر أمهات كتب العلم وأنفعها، وأهم من ذلك ما ذكر فيه من آداب طلب العلم وطرق تحصيله والأسباب المعينة عليه، وننقل منه هنا طرفا مما نريد تنبيه السائل عليه حيث يقول الشيخ رحمه الله: لنيل العلم طريقان:
أحدهما: أن يتلقى ذلك من الكتب الموثوق بها، والتي ألفها علماء معروفون بعلمهم وأمانتهم وسلامة عقيدتهم من البدع والخرافات، وأخذ العلم من بطون الكتب لا بد أن الإنسان يصل فيه إلى غاية ما، لكن هناك عقبتان:
العقبة الأولى: الطول، فإن الإنسان يحتاج إلى وقت طويل، ومعاناة شديدة، وجهد جهيد حتى يصل إلى ما يرومه من العلم، وهذه عقبة قد لا يقوى عليها كثير من الناس، لا سيما وهو يرى من حوله قد أضاعوا أوقاتهم بلا فائدة، فيأخذه الكسل ويكل ويمل ثم لا يدرك ما يريد.
العقبة الثانية: أن الذي يأخذ العلم من بطون الكتب علمه ضعيف غالبًا، لا ينبني عليه قواعد أو أصول، ولذلك نجد الخطأ الكثير من الذي يأخذ العلم من بطون الكتب، لأنه ليس له قواعد وأصول يقعد عليها، ويبني عليها الجزئيات التي في الكتاب والسنة...
الثاني: من طرق تحصيل العلم أن تتلقى ذلك من معلم موثوق في علمه ودينه، وهذا الطريق أسرع وأتقن للعلم، لأن الطريق الأول قد يضل فيه الطالب وهو لا يدري، إما لسوء فهمه، أو قصور علمه، أو لغير ذلك من الأسباب، أما الطريق الثاني فيكون فيه المناقشة والأخذ والرد مع المعلم فينفتح بذلك للطالب أبواب كثيرة في الفهم والتحقيق، وكيفية الدفاع عن الأقوال الصحيحة، ورد الأقوال الضعيفة، وإذا جمع الطالب بين الطريقين كان ذلك أكمل وأتم، وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم، وبمختصرات العلوم قبل مطولاتها حتى يكون مترقيًا من درجة إلى درجة أخرى، فلا يصعد إلى درجة حتى يتمكن من التي قبلها ليكون صعوده سليمًا. اهـ.
وراجع للفائدة الفتويين رقم: 141305، ورقم: 244483.
وأما عن المذهب المعتمد في فتاوى الشبكة الإسلامية: فلا نقتصر على مذهب بعينه من المذاهب الفقهية المعتبرة، بل يرجع ذلك إلى ما يترجح لدينا من أقوال أهل العلم بحسب الأدلة، مع مراعاة حال السائل، وقد صرحنا في ديباجتنا عن منهجية الفتوى لدينا بأن الاعتماد على الأدلة الشرعية ـ الكتاب والسنة والإجماع والقياس ـ وإن كان ثمة اختلاف بين أهل العلم فإننا نتحرى القول الأقوى دليلاً، وما عليه المحققون من أهل العلم في المسألة بحسب علمنا، فعملنا يقوم على الوسطية بين نبذ المذاهب والخروج عليها، وبين الجمود على التقليد والتعصب المذهبي المذموم، وراجع في تفصيل ذلك من خلال هذا الرابط:
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/index.php?page=aboutfatwa
وأخيرا ننبه على أن فرقة الأحباش الهررية فرقة من الفرق الضالة، وراجع في بيان بعض معتقداتهم وأفكارهم والحكم عليها، الفتوى رقم: 14817.
ولمزيد الفائدة والتفصيل في ذلك يمكن الرجوع إلى رسالة الدكتوراه للدكتور سعد السهراني، وهي بعنوان: فرقة الأحباش: نشأتها، عقيدتها، آثارها ـ وهي متوفرة على الإنترنت.
والله أعلم.