الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما سؤالك الأول عن الموالاة بين الاستنجاء والوضوء وبينهما وبين الصلاة لصاحب السلس: فقد أوجب ذلك الشافعية ولم يوجبه الحنابلة، وهاك تفصيل مذهب الشافعية كما ذكره الخطيب في مغني المحتاج وعبارته: وَبَعْدَ مَا ذُكِرَ تُبَادِرُ بِهَا ـ أَيْ بِالصَّلَاةِ ـ وُجُوبًا تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ، لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْهُ بِالْمُبَادَرَةِ، بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ السَّلِيمِ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ، أَمَّا غَيْرُ السَّلِيمِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا هُنَا، فَلَوْ أَخَّرَتْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسَتْرٍ لِعَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ وَذَهَابٍ إلَى مَسْجِدٍ وَتَحْصِيلِ سُتْرَةٍ لَمْ يَضُرَّ، لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ بِذَلِكَ مُقَصِّرَةً، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِأَذَانِ الْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لَهَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَابَةِ وَبِأَنَّ تَأْخِيرَهَا لِلْأَذَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَذَانَهَا، وَلَوْ اعْتَادَتْ الِانْقِطَاعَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، فَانْقَطَعَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْمُبَادَرَةُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّأْخِيرُ لِجَمَاعَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا، وَإِلَّا بِأَنْ أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَغَزْلٍ وَحَدِيثٍ فَيَضُرُّ التَّأْخِيرُ عَلَى الصَّحِيحِ فَيَبْطُلُ وُضُوؤهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهُ وَإِعَادَةُ الِاحْتِيَاطِ لِتَكَرُّرِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ مَعَ اسْتِغْنَائِهَا عَنْ احْتِمَالِ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْمُبَادَرَةِ، وَالثَّانِي: لَا يَضُرُّ كَالْمُتَيَمِّمِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْمُبَادَرَةَ، قَالَ الْإِمَامُ: ذَهَبَ ذَاهِبُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَى الْمُبَالَغَةِ وَاغْتَفَرَ آخَرُونَ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ، وَضَبَطَهُ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ. اهـ.
وأما الحنابلة: فالواجب عندهم أن تتوضأ بعد دخول وقت الصلاة ثم تصلي ما شاءت من فرض ونفل، ولا يجب عندهم تجديد شد العصابة، وأما بقية أسئلتك فيرجى إفرادها بالإرسال لتتسنى إجابتك عليها كما هي سياسة الموقع.
والله أعلم.