الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم مطالب بتلاوة كتاب الله تعالى وتدبره، لما في ذلك من الخير الكثير والثواب الوفير، ولذلك فقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلاوته. ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اقرأوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه كما في صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: يؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال: كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما. وقال صلى الله عليه وسلم: القرآن شافع مشفع وماحلٌ مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ذكره الطبراني في المعجم الكبير، والسيوطي في الجامع الصغير، وهو حديث صحيح.
أما تقبيل المصحف فقد اختلف العلماء في حكم تقبيل المصحف فمنهم من استحبه ونقل ذلك عن السبكي قال البجيرمي: واستدل السبكي على جواز تقبيل المصحف بالقياس على تقبيل الحجر الأسود ويد العالم والصالح والوالد، إذ من المعلوم أنه أفضل منهم.
وذهب آخرون إلى إباحة ذلك وهو المشهور عند الحنابلة، قال في كشاف القناع الحنبلي: ويباح تقبيل المصحف، قال النووي في التبيان روينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح عن أبي مليكة: أن عكرمة بن أبي جهل كان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربي كتاب ربي.
وذهب المالكية إلى القول بكراهة تقبيل المصحف، قال الخرشي في شرحه لخليل: يكره تقبيل المصحف وكذا الخبز.
ولعل التوقف عن تقبيل المصحف هو الأصوب لعدم ورود شيء من ذلك، وروي ذلك عن الإمام أحمد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئاً مأثوراً عن السلف، وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل المصحف فقال: ما سمعت فيه شيئاً. انتهى.
والله أعلم.