الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قدر الله عليه بلاء بسبب دعاء والد أو غيره، فإن تاب إلى الله ونزع عن معصيته التي سببت استجابة دعاء من دعا عليه، فإن البلاء الذي قدر عليه قد يندفع بدعائه، قال ابن القيم رحمه الله: وَالدُّعَاءُ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ، وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلَاءِ يَدْفَعُهُ، وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، وَيَرْفَعُهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ، وَهُوَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ، وَلَهُ مَعَ الْبَلَاءِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْبَلَاءِ فَيَدْفَعُهُ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنَ الْبَلَاءِ فَيَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، فَيُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ قَدْ يُخَفِّفُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَاوَمَا وَيَمْنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ـ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ ـ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ. انتهى.
فعلى من ظلم إنسانا أن يستحله من ظلامته، وعلى من عق والديه أن يصلح ما أفسد، ويجتهد في برهما، ثم إن كان قدر عليه بلاء بسبب ما تقدم من ذنبه، فليجتهد في الدعاء، فإن فيه خيرا كثيرا.
والله أعلم.