الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهنيئا لك بنعمة الإسلام وأعظم بها من نعمة، وعليك أن تستر نفسك ولا تطلع أحدا على ذنبك، كما أن عليك أن تعقد العزم بجد على التوبة من هذه الفاحشة العظيمة، واعلم أن الله غفور رحيم.
وإليك بعض التوجيهات لعل الله ينفعك بها ويجعلها عونا لك على الإقلاع عن هذا الذنب العظيم.
1-استشعار خطورة هذا الذنب وما توعد الله به المصرين عليه من العذاب، واستشعار عظم جزاء أهل العفة.
فقد عد الله تعالى حفظ الفروج ضمن صفات المؤمنين التي يستوجبون بها الفلاح ودخول الفردوس والخلود فيها.
قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ[المؤمنون:1].
ثم ذكر من صفاتهم: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7].
ثم ذكر جزاءهم فقال: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:10-11].
وقد قرنه تعالى بالشرك وقتل النفس، وتوعد مقارفي تلك الجرائم الشنيعة بالأثام، وقد فسر
عكرمة الأثام بأودية في جهنم يعذب فيها الزناة، إلا أنه مع ذلك بشر التائبين بقبول توبتهم وتبديل سيئاتهم حسنات.
قال تعالى في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان: 68-70].
ومن أعظم مظاهر خطورة الزنى ما ثبت في الأحاديث من نفي كمال الإيمان عن فاعله.
ففي الحديث:
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه
البخاري ومسلم.
وفي الحديث:
إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه. رواه
الحاكم والترمذي وصححه
الألباني في صحيح الجامع.
2-استشعار خطورة فضحك لتلك المسكينة ولأهلها، وأن تستشعر مدى خطورة ذلك في ذهنك لو فُعِل بإحدى أخواتك أو بناتك، وأن عليك أن تحب لهم من الخير ما تحب لنفسك، وأن تأتي إليهم ما تحب أن يأتوه إليك.
ففي الحديث:
من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. رواه
مسلم.
وقد روى
أبو أمامة: أن فتى شابا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنى، فأقبل عليه القوم فزجروه وقالوا: مه مه، فقال: ادنه فدنا منه قريبا فجلس، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحَصِّن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواه
أحمد وصححه
الأرناؤوط والألباني
3-الإسراع بالزواج وأن تستشعر أن الله يعينك ويرزقك الغنى.
قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32].
وقال
أبو بكر رضي الله عنه:
أطيعو الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لك ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32].
وقال
ابن مسعود: التمسو الغنى في النكاح، يقول الله: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]. نقل
ابن كثير الأثرين عنهما.
وفي الحديث:
ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه
أحمد والترمذي والنسائي وحسنه
الألباني.
فبادر يا أخي بالزواج، فهو أحصن للفرج، كما في الحديث:
من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. رواه
البخاري ومسلم.
4- الإكثار من الصوم للحديث السابق، وثق تماما بصدق النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ينبغي أن تعلم أن الدواء لا بد من استعمال القدر الكافي منه، فحاول أن تصوم الخميس والاثنين دائما، والأيام البيض والأيام الفاضلة، كعشر ذي الحجة وعاشوراء.
وإذا أمكن أن تصوم يوما وتفطر يوما فستنضبط غريزتك بإذن الله، وأكثر الدعاء عند الصوم بتسهيل أمورك المادية وتعجيل زواجك بامرأة صالحة.
وعليك بغض البصر والبعد عن المثيرات وصحبة أصدقاء السوء.
5- استحضار مراقبة الله دائما، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فاستحي منه أن يراك على معصية.
6-استشعار مخاطره الدنيوية كالإصابة بالإيدز والزهري والسفلس والسيلان والتفكك الأسري والعنوسة وانتشار الأولاد اللقطاء.
وراجع للزيادة في الوسائل المعينة على تركه والتوبة منه الفتوى رقم:
30425 والفتوى رقم:
26714، والفتوى رقم:
12928.
هذا وقد ذكر بعض العارفين بطب الأعشاب أن ابتلاع وزن درهم من الحناء يخفف من حدة الشهوة، وعليك كذلك بالتخفيف من أكل المثيرات للشهوة، كاللحوم والبيض وما أشبه ذلك.
ثم إن الرياضة البدنية وإرهاق البدن في الخدمات الاجتماعية يستهلك كثيرا من الطاقة.
كما أن عمل برنامج يستغرق طاقتك التفكيرية ويشغل جل وقتك بالاهتمام بتحصيل علم نافع، كحفظ القرآن أو كتاب من كتب الحديث أو بعض العلوم النافعة كاللغة والطب وغير ذلك، نقول: عمل برنامج من هذا القبيل أمر نافع لحالتك جدا.
ومن الأفضل أن تتعاون في هذا البرنامج مع بعض الأصدقاء الطيبين حتى يكون ذلك حافزا لك على المتابعة والمنافسة.
وأما وعدك لربك بعزة الله وجلاله، فإن كنت تنوي به القسم، فتلزمك مع التوبة كفارة يمين، وقد وضحها الله تعالى في قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ[المائدة: 89].
وإن كنت تقصد به غير ذلك، فلا يلزمك فيه إلا التوبة كما أسلفنا.
والله أعلم.