الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن معرفة معاني الأسماء الحسنى والصفات الحسنى، والتفكر فيها يزيد الإيمان، فبقدر قوة يقينك بالمضمون تستشعر مراقبة الله، وتخافه، وتعبده كأنك تراه، وبهذه المعرفة يزيد إيمانك ـ إن شاء الله ـ فقد قال عمير بن حبيب: الإيمان يزيد وينقص، فقيل: فما زيادته، وما نقصانه؟ قال: إذا ذكرنا ربَّنا وخشِيناه، فذلك زيادته، وإذا غفلنا ونسِيناه وضيَّعنا، فذلك نقصانه ـ كذا في الإيمان لابن أبي شيبة.
وقال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى: من عرف أسماء الله ومعانيها، فآمن بها، كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء، بل آمن بها إيمانًا مجملًا أو عرف بعضها، وكلما ازداد الإنسان معرفة بأسماء الله وصفاته وآياته، كان إيمانه به أكمل. اهـ.
وقال ابن رجب في بيان فضل علم السلف على علم الخلف: العلم النافع يدل على أمرين:
أحدهما: على معرفة اللَه، وما يستحقه من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، والأفعال الباهرة، وذلك يستلزم إجلاله، وإعظامه، وخشيته، ومهابته، ومحبته، ورجاءه، والتوكل عليه، والرضى بقضائه، والصبر على بلائه.
والأمر الثاني: المعرفة بما يحبه، ويرضاه، وما يكرهه، ويسخطه من الاعتقادات، والأعمال الظاهرة والباطنة، والأقوال، فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة اللَه ورضاه، والتباعد عما يكرهه ويسخطه، فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا، فهو علم نافع، فمتى كان العلم نافعًا، ووقر في القلب، فقد خشع القلب للَّه، وانكسر له، وذلّ هيبة، وإجلالًا، وخشية، ومحبة، وتعظيمًا، ومتى خشع القلب للَّه، وذل، وانكسر له، قنعت النفس بيسير الحلال من الدنيا، وشبعت به، فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا، وكل ما هو فان لا يبقى من المال، والجاه، وفضول العيش الذي ينقص به حظ صاحبه عند اللَه من نعيم الآخرة، وإن كان كريمًا على اللَه، كما قال ذلك ابن عمر، وغيره من السلف، وروي مرفوعًا. اهـ.
والله أعلم.