الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصر في أمر الصلاة على خطر عظيم؛ فالصلاة عماد الدين، من أقامها أقام الدين، ومن هدمها هدم الدين، وهي الفارقة ببن الكفر والإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر -أو الشرك- ترك الصلاة. أخرجه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأصحاب السنن. وقال صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت؛ فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت؛ فقد خاب وخسر. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
لذلك قال بعض العلماء بكفر تاركها مطلقا -كفرا أكبر مخرجا من الملة- ومنهم من فرق بين من يتركها جحودا، ومن يتركها تكاسلا، فالجاحد لها كافر بالإجماع، وغير الجاحد الذي يتركها تكاسلا وتهاونا، مختلف في كفره، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 1145.
ولذلك، فعلى القول بكفر تاركها، فإن كثرة حسناته لا تنفعه في الآخرة؛ فقد قال الله تعالى عن عمل الكفار: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا {الفرقان:23}.
وعلى القول بأن تاركها تكاسلاً لا يكفر كفرا أكبر، فإن نصوص الوحي من القرآن والسنة تدل على أن من كانت حسناته أكثر من سيئاته دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر دخل النار. قال الله تعالى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ. {القارعة: 6-9}.
والله أعلم.