الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا تجب إجابة دعوة غير المسلم، ثم اختلفوا في استحبابها أو كراهتها على قولين:
قال في الإنصاف: فعلى المذهب - أي: الحنبلي - تكره إجابته، على الصحيح من المذهب.. قلت: ظاهر كلام الإمام أحمد -رحمه الله- المتقدم: عدم الكراهة، وهو الصواب. اهـ.
وفي نهاية المحتاج في فقه الشافعية: فلا تجب إجابة ذمي، بل تسنّ، إن رُجِيَ إسلامه، أو كان نحو قريب، أو جار، وسيأتي في الجزية، حرمة الميل إليه بالقلب. اهـ.
وكلام الفقهاء المنقول هنا هو في إجابة الدعوة إلى وليمة النكاح، على فرض خلو مكان الدعوة من المنكر.
فإن اشتمل حفل الزفاف على منكر، لا تمكن للمدعو إزالته، كاختلاط، وتبرج، واستماع معازف، فلا يجوز للمسلم حضور هذا الحفل، وكذا لو كانت تتم في الحفل قراءة شيء من كفرهم، وتحريفهم، بل هذا أشد وأعظم؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء:140].
والله أعلم.