الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المؤمن أن يعتقد أن الله عال على خلقه، وأنه محيط بمخلوقاته كلها إحاطة تليق بجلاله سبحانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَاَللَّهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا، إحَاطَةً تَلِيقُ بِجَلَالِهِ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضَ فِي يَدِهِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِمَّصَةِ فِي يَدِ أَحَدِنَا. انتهى.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في طريق الهجرتين، في كلامه على اسمه الظاهر والباطن: وباب هذه المعرفة والتعبد، هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم، وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السموات السبع، والأرضين السبع، في يده كخردلة في يد العبد. قال تعالى: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس. وقال: والله من ورآئهم محيط. ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنيين: اسم العلو الدال على أنه الظاهر، وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة، وأنه لا شيء دونه، كما قال تعالى: وهو العلي العظيم. وقال تعالى: وهو العلي الكبير. وقال: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم. وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته، فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته، فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس شيء في قبضة نفسه ... انتهى.
وأما ما ذكرته من إشكال حول التوفيق بين علو الله، وإحاطته، وكون الأرض كروية، فقد تكلمنا على ذلك في الفتوى رقم: 173579، والفتوى رقم: 132417. فراجعهما.
والله أعلم.