الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تقصد إيقاع الطلاق بهذه اليمين، ولكن قصدت عقوبة زوجتك بعدم تلبية طلبها، فهي كاليمين الأولى، وفي حكمهما خلاف بين أهل العلم، فبعضهم يجعلها كاليمين بالله، لا يقع بها طلاق، وتجب الكفارة بالحنث فيها، والجمهور على وقوع الطلاق بالحنث فيها، وهو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 11592.
فمن حلف بالطلاق، أو علقه على شرط حال غضبه، فيمينه منعقدة ما دام عقله ثابتاً مدركاً لما يقول، ومن علّق طلاق امرأته على شرط، وكرّر التعليق مرات بغرض التأكيد، لم يتكرر الطلاق بتكرر التعليق.
قال الشيخ زكريا الأنصاري (رحمه الله): لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ. أسنى المطالب في شرح روض الطالب.
وعلى كل حال، فما دمت لم تحنث في يمينك، فلم يقع طلاقك، لكن إذا فعلت ما حلفت على تركه، فالمفتى به عندنا وقوع الطلاق، ولا حرج عليك في العمل بالقول الآخر الذي أفتتك به دار الإفتاء من قبل، ما دمت مطمئناً إلى قولهم.
واعلم أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: "لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ" رواه البخاري.
قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. جامع العلوم والحكم.
والله أعلم.