الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصاب هذا الرجل، وأحسن عملا حين تاب إلى الله عز وجل من هذه الفعلة الشنيعة، والذنب العظيم، ونوصيه بالمزيد من الطاعات وعمل الصالحات، والله عز وجل يقول: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.
وليعلم أن ما فعله، أو فُعِلَ به قبل بلوغه، لا يلحقه منه إثم؛ لأن القلم مرفوع عن الصبي حتى يبلغ؛ كما في الحديث الصحيح، وما فعله بعد ذلك وتاب منه، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وهو الآن عفيف، وصاحب دين، ينبغي أن يبادر إلى الزواج، كما ينبغي لمن خطب عنده أن يزوجه، امتثالا لما جاء في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه؛ فزوجوه. إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
ونوصيه بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يرزقه زوجة صالحة، وسيأتيه ما كتب له. ولا يجوز له أن يحدث أحدا بما قد جرى منه، ففي الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ؛ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ.
وقد أساء من فضحه، وتجرأ بالإخبار عن نفسه أنه فعل ذلك معه، وهذا أمر خطير، فيه ما فيه من إعلان الفسوق والفجور، والاستهتار وعدم المبالاة بما فعل أو قال، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان؛ عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. فكان الواجب عليه أن يستر على نفسه، ويستر على أخيه المسلم.
ولهذا الشاب التائب أن يدفع عن نفسه ما قيل عنه، مستخدما المعاريض، فينفي أنه فعل ذلك، أو فُعِلَ به قاصدا أنه لم يفعله بعد توبته، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب.
والله أعلم.