التوبة مطلوبة من العبد دائمًا مهما بلغ من العبادة
24-7-2003 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ففي حديث مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده بين الفينة والفينة أو ذنب هو مقيم عليه حتى يفارق الدنيا) وكما نعلم جميعا بأن ارتكاب الذنوب والمعاصي سبب والعياذ بالله لدخول النار وربما يموت الإنسان على معصية فيخسر الدنيا والآخرة ومن ثم يموت على سوء الخاتمة أعاذنا الله منها وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تحثنا على التوبة من الذنوب فكيف يتوب الإنسان من الذنوب ما دام ليس من عبد مؤمن إلا وذنب يعتاده الفينة بعد الفينة لأنه لو كان الإنسان سيعتاد الذنوب سيكون ذلك سببا لهلاكه؟ أرشدونا وأوضحوا لنا هذه المسألة حفظكم الله جميعا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغالب في بني آدم أنهم أصحاب خطايا وآثام، إلا من عصمهم الله عز وجل، وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كما قال صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وفي الحديث الذي أوردته، وهو في الطبراني، وصححه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا. إن المؤمن خلق مفتنًا توابًا نَسَّـاء إذا ذكر ذكر.
ومن هنا تعلم أن التوبة مطلوبة من العبد دائمًا لأنه مهما بلغ من العبادة والإخلاص لربه جل وعلا يظهر مقصراً في جنب خالقه سبحانه، ولهذا كان الاستغفار مطلوبًا حتى بعد أداء العبادات والفرائض، ومن ذلك الاستغفار بعد الصلاة والحج. قال الله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[البقرة:199].
وقد قسم العلماء الذنوب إلى كبائر وصغائر، وذكروا أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر، كما قال الله سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ[النساء:31].
وبما أن الإنسان كثير الذنوب، فمنها ما قد يرتكبه عن علم، ومنها ما قد يرتكبه عن جهل، كان عليه التوبة والاستغفار إلى الله تعالى من الجميع، كما جاء في البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو، فيقول: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وأما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي.
ولا شك أن العبد إذا تاب إلى الله تعالى توبة نصوحاً غفرت ذنوبه مهما عظمت، بنص كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك في قول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر:53]. وقال صلى الله عليه وسلم في ما يرويه عن ربه جل وعلا: يا بْنَ آدَمَ! إَّنكَ ما دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ما كانَ منْكَ وَلا أُبالي، يا بْنَ آدَمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يابْنَ آدَمَ! لَوْ أتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطايَا ثُمَّ أتَيْتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِها مَغْفِرَةً". رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم.
وهذه بشائر عظيمة من الله تعالى في قبول توبة العاصين من عباده. أما من مات من غير توبة من أهل التوحيد، فإن مذهب أهل السنة والجماعة أنه في مشيئة الله تعالى، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة مباشرة، وإن شاء عاقبه في النار فترة ثم يدخله الجنة.
والله أعلم.