الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه أن تحقيق التوبة والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة، هو الذي ينبغي أن تنشغل به السائلة.
وأما الحكم بالردة، وما يترتب عليه من السؤال عن عصمة النكاح، فلا نرى أن له موقعا بعد كل هذه المدة (أربع سنوات)!!
وعلى أية حال، فإن الكلمة التي تحتمل الكفر وغيره، لا يحكم بالردة على قائلها، وإن كان احتمالها للكفر أكثر.
جاء في شرح الزرقاني على مختصر خليل: من أتى بلفظ يحتمل الكفر من وجوه كثيرة، ويحتمل الإِسلام من وجه واحد، فإنه لا تجري عليه أحكام المرتد. اهـ.
والعبارة الأولى: (يا ليت هذه الآية لم تكن في القرآن) ليس صريحا في الكفر؛ لأن سياقها يدل على أن الاعتراض ليس على الآية ذاتها، وإنما على المستدلين، أو المستشهدين بها في كل موقف!! وكذلك عبارة: (الله يلعن دين أمك) يحتمل أن يكون السب أو اللعن على الأم نفسها، أو على سلوكياتها، وليس لدينها الذي هو دين الإسلام، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 319498.
وجاء في فتاوى عليش (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك): ما قولكم في رجل أراد قراءة ربعة قرآن في بيته، فوجد بعض الأجزاء غائبا، والفقيه الذي هي موقوفة تحت يده كذلك، فقال: "داهية تجيء الربعة وأصحابها" فهل يرتد بذلك، وتجرى عليه أحكام المرتد؟ أفيدوا الجواب.
فأجبت بما نصه: الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله.
لم يرتد بذلك، فلا تجرى عليه أحكام المرتد؛ لدلالة السياق على أن مراده الجلد والورق والنقوش، لا مدلولها من ألفاظ القرآن العزيز، المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ...
وسئل خاتمة المحققين أبو محمد الأمير -رحمه الله تعالى- عمن شق ثوبه وقال: "خرج من دينه".
(فأجاب) بأنه يشدد عليه الأدب، وتلزمه التوبة والاستغفار، ولا يحكم عليه بالردة إلا أن يقصدها؛ لأنها أمر خطر يستلزم سفك الدم، وحرمة الزوجة، وغير ذلك من أحكامها، فلا يحكم مع قيام الاحتمال؛ لأن الخروج عن الدين، يحتمل الخروج عن كماله بالفسق، كما ورد «من غشنا فليس منا» ، «ليس منا من استنجى من ريح» والله تعالى أعلم. اهـ.
والله أعلم.