الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للجار حق في منع البيع أو التأجير، ولكن له حق في إزالة الضرر عن نفسه إذا لحقه بسبب نوع النشاط الذي تستعمل فيه الشقة! ولا يخفى أن البرج السكني قد يتضرر سكانه أو بعضهم بذلك، والحكم بوجود ضرر حقيقي معتبر شأن قضائي، لا يصح البت به في مجال الفتوى، لأنه يحتاج إلى معاينة الواقع وتنزيل الحكم عليه، بعد سؤال أهل الخبر في نوع هذا النشاط، ولكن على سبيل العموم نقرر أن الإضرار بالجار لا يجوز، وإن حصل ذلك بسبب إحداث شيء وجب إزالته، ومن جملة ذلك كشف عورات الجار، والاطلاع على ما وراء بابه في بيته، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام في باب الضرر:
ومحدث ما فيه للجار ضرر ... محقق يمنع من غير نظر.
قال ميارة في شرحه: يعني: أن من أحدث ما فيه ضرر محقق لجاره، فإنه يمنع من ذلك ويزال الضرر عن الجار، لقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار. اهـ.
قال ابن عاصم:
وإن يكن تكشفا فلا يقر ... بحيث الأشخاص تبين والصور.
قال ميارة: يعني: إذا كان الضرر تكشفا بحيث تبين به الأشخاص والصور، فإنه يزال ولا يقر، وتبين الأشخاص هو بحيث يتبين زيد من عمرو، وتبين الصور بحيث يتبين الذكر من الأنثى، والحسن من القبيح. اهـ.
وهنا، ننبه على أن مجرد كثرة السكان أو الزوار أو المترددين على الشقة، ليس بضرر في حد ذاته، إلا إذا كانوا يجتمعون على باب الجار، أو يزاحمونه في الدخول والخروج، ونحو ذلك من الأمور. جاء في المغني لابن قدامة: الضرر لا يكاد يختلف بكثرة من يسكن وقلتهم، ولا يمكن ضبط ذلك. اهـ.
والله أعلم.