الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الأملاك مسجلة باسم والدكم، فإن الأصل أنها له وليست لوالده ـ جدكم ـ ومن ادعى أنها للجد فعليه أن يقيم البينة الشرعية عند المحكمة على دعواه، فإن أقامها وجب إعادة تلك الأملاك لورثة الجد، وليس لكم فيها حق إلا بمقدار ما ورثه والدكم منها، وإذا لم يُقم المُدَّعِي البينةَ الشرعية على دعواه فتلك الأملاك لكم.
وما دام الأمر قد رفع إلى المحكمة وحكمت بأنها لوالدكم فالأمر كذلك؛ إلا إذا كنتم تعلمون أن الأملاك في الحقيقة لجدكم، فإن حكم المحكمة لصالحكم لا يغير من الحقيقة شيئا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا. رواه البخاري.
ولا تبرأ ذمتكم بترك الأمر أو الخيار لأخيكم إن شاء رد الحق لأهله وإن شاء لم يرده، بل الواجب عليكم جميعا أن تلزموا أخاكم بما تستطيعون وتحملوه على رد الحق لأهله.
ومثل هذه المسائل التي يختلف فيها الورثة في مقدار الإرث أو في أصله لا بد من رفعها للمحكمة الشرعية إن كانت، أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم، ولا يكفي فيها جواب عن سؤال من أحد أطراف النزاع، بل لا بد من سماع جميع الأطراف ويُحكم بناء على ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي ـ رضي الله عنه: يَا عَلِيُّ: إِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ. رواه أحمد، وأبو داود.
والله أعلم.