الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعانة الموظف أو غيره على أخذ القروض الربوية المحرمة، وتسهيل إجراءا تها لا يحل؛ لما تقرر شرعا من حرمة الإعانة على المعصية، كما سبق في الفتوى رقم: 344035، والفتوى رقم: 114142، والفتوى رقم: 132724.
وقد سئل ابن باز: أعرض لسماحتكم مشكلتي هذه: التي تتلخص في أنني أحد الموظفين في إحدى الإدارات الحكومية، ويتبع هذه الإدارة عدد من الإدارات الأخرى، وعملي في هذه الإدارة في قسم التأدية والرواتب. وحدث: أن تقدم أحد الموظفين التابعين لإحدى الإدارات الفرعية، إلى أحد البنوك الربوية طالباً منه قرضاً، ومن ضمن مسوغات منح القرض، أن يحضر شهادة من مرجعه موضحاً بها راتبه، وهذه الشهادة لا تكتب إلا من قبل موظفي سجلات الرواتب، وأنا واحد منهم. وعندما طلب مني أن أكتب له راتبه والبدلات الأخرى، بادرته بالنصيحة بالتورع، وعدم الإقدام على هذا القرض؛ حيث إنه ربا، ولكنه لم يقتنع بذلك وأصر على طلبه، وأصريت أنا على موقفي بعدم منحه هذه الورقة، ووصل الأمر إلى مدير الإدارة، الذي بدوره أصر على أن أكتب هذه الورقة التي تحمل مقدار الراتب والبدلات التي يتقاضها هذا المقترض، ورفضت، وأوضحت أن هذه مساعدة على الربا، إلا أنه أصر على موقفه، حتى إنه هددني بالنقل من عملي هذا في حالة عدم كتابة هذه الورقة.
سؤالي هو: هل يحق له كمسؤول أن يجبرني على ذلك؟ وهل إذا جاء أي موظف يطلب صافي الراتب والبدلات، دون أن يشير إلى أي جهة يريد تقديم هذه المعلومات لها، ولكنني أعلم أنه يريد بها أحد البنوك الربوية، هل يحق لي الرفض كذلك؟
فأجاب: قد أحسنت فيما فعلت، إذا كنت تعلم أن القرض المذكور ربوي. ولا شك أن الاقتراض من البنوك أو غيرها بزيادة على القروض الممنوحة، من جملة أنواع الربا بإجماع المسلمين.
وليس لك ولا لغيرك من المسلمين المساعدة على المعاملات الربوية؛ لقول الله سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب. اهـ.
والظاهر بناء على ما تقدم، فإن عمل الموظف في قبول الرهن المتعلق بالقرض الربوي والتوقيع عليه، لا يجوز؛ لدخول ذلك في التعاون على تمام ونفاذ القرض. وأما التوقيع على فك الرهن بعد سداد القرض، فلا يظهر مانع منه.
وأما القروض المسماة بالإسلامية، والمجازة من أهل العلم، أو هيئات الرقابة الشرعية، وإن كان فيها اختلاف بين أهل العلم، فلا حرج عليك في العمل في ما يتعلق بها.
والله أعلم.