الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم الزواج الصوري الذي لا يتقيد بأركان النكاح الشرعي ولا شروطه، وإنما يتخذ مطية لتحقيق بعض المصالح، كغرض الحصول على الإقامة ونحو ذلك، ونقلنا قرار مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا مع المجلس الأوروبي للإفتاء، بحرمته شرعاً، لعدم توجه الإرادة إليه، ولخروجه بهذا العقد عن مقاصده الشرعية، ولما يتضمنه من الشروط المنافية لمقصوده، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 96241، ورقم: 98254.
وقد جاء في نص القرار السابق بيان المخرج والبديل عنه، ففيه: إذا مسَّت الحاجة إلى تحصيل بعض المصالح التي لا يتسنى تحصيلها إلا من خلال الزواج، فإن السبيل إلى ذلك هو الزواج الحقيقي الذي تتجه إليه الإرادة حقيقة، فتُستوفى فيه أركانه وشرائطه، وتنتفي موانعه، ويُجرى على وفاق الشريعة المطهرة، فلا يصرح فيه بالتوقيت، ولا يعبث فيه أحد بغاياته ومقاصده. انتهى.
ويؤيد هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: الشارع منع أن تتخذ آيات الله هزواً، وأن يتكلم الرجل بآيات الله التي هي العقود إلا على وجه الجد الذي يقصد به موجباتها الشرعية، ولهذا ينهى عن الهزل بها وعن التلجئة، كما ينهى عن التحليل، وقد دل على ذلك قوله سبحانه: ولا تتخذوا آيات الله هزوا ـ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزؤون بآياته: طلقتك، راجعتك، طلقتك، راجعتك ـ فعلم أن اللعب بها حرام. انتهى.
وللتفصيل في هذه المسألة يمكن الرجوع إلى كتاب: فقه النوازل للأقليات المسلمة تأصيلاً وتطبيقاً ـ من ص: 983، إلى ص: 998.
والله أعلم.