الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه تشرع القراءة، والنفث على موضع الألم بشكل مباشر؛ لما في الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله تعالى عنها -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه، كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده؛ رجاء بركتها.
وفي رواية لمسلم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات.
وأما عن القراءة، والدعاء، والنفث عن بعد -كما يفعل ذلك الشيخ في بعض الحالات-، فإنه لا يحصل بها النفث على المرقي، والنفث مستحب عند الجمهور، وقد بوب البخاري وغيره على النفث في الرقية، وذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري وفيه: فجعل يتفل، ويقرأ.
وقال النووي في شرح مسلم عند شرح قول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات ـ والنفث نفخ لطيف، بلا ريق، فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم... وقد جاء في حديث الذي رقى بفاتحة الكتاب، فجعل يجمع بزاقه، ويتفل، والله أعلم. قال القاضي: وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة، والهواء، والنفس المباشرة للرقية، والذكر الحسن، لكن قال كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى، وكان مالك ينفث إذا رقى نفسه... انتهى.
وتكلم ابن القيم في الهدي في حكمة النفث وأسراره بكلام طويل، قال في آخره: وبالجملة؛ فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه، وتستعين بالرقية والنفث على إزالة ذلك الأثر، واستعانته بنفثه، كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها، وفي النفث سر آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة؛ ولهذا تفعله السحرة، كما يفعله أهل الإيمان. اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أن مباشرة الراقي رقية المصاب، أمر ضروري؛ للحاجة للنفث على المرقي، وفيها: الرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها، ومباشرة للنفث على المريض، وهذا يدل على أن النفث أمر أساسي في الرقية، لكن لا نستطيع القطع بأن القراءة والدعاء بنية الرقية دون نفث، لا تعد رقية.
وعلى كل؛ فيرجى حصول النفع بالدعاء بعد التلاوة، ففي حديث الترمذي: من قرأ القرآن، فليسأل الله به.
وقد ثبت أن دعوة المسلم بظهر الغيب، ترجى استجابتها؛ لما في الحديث: دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل. رواه مسلم.
وأما عن الكرامات: فقد قال شيخ الإسلام: ومن أصول أهل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة. اهـ.
والله أعلم.