الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنطق بالشهادتين عند إرادة الدخول في الإسلام مع فهم معناهما، يكفي في الحكم بإسلام الشخص؛ لأن النطق بهما إخبار عن ما في القلب، فقد جاء في معنى أحاديث صحيحة التصريح بحرمة دم من نطق بالشهادتين، بمجرد النطق بهما، إلا بحق الإسلام، وحسابه على الله تعالى، قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ جَاءَهُ يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ الشَّهَادَتَيْنِ فَقَطْ، وَيَعْصِمُ دَمَهُ بِذَلِكَ، وَيَجْعَلُهُ مُسْلِمًا، فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَتْلَهُ لِمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْفَ، وَاشْتَدَّ نَكِيرُهُ عَلَيْهِ.
والنطق بالشهادتين يكفي في الحكم بإسلام من نطق بهما، ولو كان بغير العربية، لمن لا يحسنها، كما جاء في الحاوي للماوردي الشافعي: وَالْمَقْصُودُ بِالشَّهَادَتَيْنِ: الْإِخْبَارُ عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَوِي فِيهِ لَفْظُ الْفَارِسِيَّةِ، وَالْعَرَبِيَّةِ.
أما من حيث انتفاع الشخص بها: فلا يكفيه مجرد النطق بالشهادتين؛ لأن لها شروطًا من حققها نفعه ذلك، وقاده إلى الجنة ـ بإذن الله تعالى ـ فقد قيل لوهب بن منبه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان، فتح لك، وإلا لم يفتح لك. رواه البخاري تعليقًا.
وأسنان المفتاح التي أشار إليها وهب هي: شروط لا إله إلا الله، وهي سبعة شروط، سبق بيانها في الفتوى رقم: 5098، فراجعها.
وأما معنى: "لا معبود بحق إلا الله"، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 119219.
وراجع كذلك الفتوى رقم: 120968.
والله أعلم.