الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المعاملة هي الربا المحرم في الشرع تحريما قطعيا، والذي هو من كبائر الموبقات، وأما ما يتعلق بحال الضرورة: فالقاعدة الشرعية أن الضرورات تبيح المحظورات، ومن ذلك الاقتراض بالربا، فهو مرخص فيه عند الضرورة، فقد انعقد المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية، بالقاهرة في شهر المحرم سنة: 1385هـ ـ الموافق مايو 1965 م، والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمس وثلاثين دولة إسلامية في عهد العلامة حسن مأمون شيخ الأزهر، وقد قرر المؤتمر بالإجماع أن: الإقراض بالربا محرَّم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة. اهـ.
لكن ينبغي معرفة حد الضرورة الشرعية التي تسوغ ارتكاب المحظور، وضوابطها، فالضرورة كما جاء في المنثور للزركشي: فالضرورة: بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب؛ كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم، والحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرم. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يشترط للأخذ بمقتضى الضرورة ما يلي:
أ ـ أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة.
ب ـ ألا يكون لدفع الضرورة وسيلة أخرى إلا مخالفة الأوامر والنواهي الشرعية.
ج ـ يجب على المضطر مراعاة قدر الضرورة، لأن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، وتفريعا على هذا الأصل قرر جمهور الفقهاء أن المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر سد الرمق.
د ـ يجب على المضطر أن يراعي عند دفع الضرورة مبدأ درء الأفسد فالأفسد، والأرذل فالأرذل، فمن أكره على قتل مسلم بحيث لو امتنع منه قتل يلزمه أن يدرأ مفسدة القتل بالصبر على القتل، لأن صبره على القتل أقل مفسدة من إقدامه عليه. اهـ. باختصار.
فلا يسوغ للمسلم الإقدام على الاقتراض بالربا بحجة قلة المال في المصارف، إلا إذا بلغت حالته حد الضرورة التي تقدم بيانها.
والله أعلم.