الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرد إليك حقك، وأن يشفي بحق من ظالمك صدرك، وشكر الله لك سؤالك، وتحريك قبل الإقدام على هذه الموبقة المهلكة، فنفس المسلم لا يحل إزهاقها إلا قصاصًا، أو حدًّا في ردة، أو زنى بعد إحصان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. متفق عليه.
ثم هؤلاء المستحقون للقتل، لا يقيم عليهم حد الله إلا السلطان، أو نائبه، ولا يوكل ذلك إلى آحاد الناس، كما نص عليه أهل العلم.
وخيانة صاحبك هذا، وأكله لمالك بالباطل: جرم عظيم، وذنب كبير، يستحق عليه العقوبة، ولكن عقوبته لا تصل إلى القتل، فإن هذا من الظلم، والبغي، والتعدي لحدود الله.
ولأن يصاب المرء في ماله، خير له من أن يصاب في دِينه، ويفسد على نفسه آخرته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دمًا حرامًا. رواه البخاري.
وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 103671، 121835، 182063.
فلا يجوز بحال من الأحوال الإقدام على قتل من أسميته خائنًا؛ بسبب خيانته، وإنكاره لما استأمنته عليه، مهما بلغت قيمة ذلك المال.
وأما مسألة خطف أحد من أبناء الخائن، فهذا من أعظم الظلم، والبغي المحرم، قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى {فاطر: 18}، وقال أيضًا: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام : 164}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح ، وابن ماجه، وحسنه الألباني.
والله أعلم.